الجمعة، 11 مارس 2011

الانتهاكات الفعلية لحقوق المدنيين حال النزاعات المسلحة الحديبثة

الانتهاكات الفعلية
لحقوق المدنيين
 حال النزاعات المسلحة الحديثة
 
دكتور
 حمادة محمد السيد سالم
دكتوراه
القانون الدولي العام
2008






الانتهاكات الفعلية
لحقوق المدنيين
 حال النزاعات المسلحة الحديثة

      إن حماية الضحايا المدنيين في الحروب الدولية وغير الدولية من القتل والتعذيب وسائر ألوان الانتهاكات الأخرى التي قد وصلت في بعض الأحيان إلى أبشع صورة من حيث التمثيل بجثثهم وإلقائها ممزقة في الشوارع والطرقات والمجاري المائية، واغتصاب النساء، وشق بطونهم لإخراج الجنيين وقتله، وغير ذلك من أساليب الانتهاكات الأخرى التي يأباها الضمير الإنساني واجب إنساني.([1])   يجب على كافة الدول العمل من أجل منعها حتى تتلاشى من المجتمعات المتمدينة وغير المتمدينة، وإن كانت الشعوب التي تدعي المدنية في العالم هي التي ترتكب أبشع الجرائم في حق هؤلاء الفئات من المدنيين . فهناك علاقة وطيدة بين التطور التاريخي للقانون الدولي، والانتهاكات الجسيمة للمبادئ الإنسانية، فجميع اتفاقيات جنيف بدايةً من اتفاقية عام 1864 كانت ردود فعل لأوضاع إنسانية غير مقبولة. ([2])   فتعد حقوق المدنيين أبان النزاعات المسلحة من الموضوعات الحيوية والتي اهتم بها القانون الدولي الإنساني، بل وأصبحت من القضايا الهامة تتابعها الأطراف الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية الأمر الذي يجعلنا نركز على بعض الانتهاكات والخروقات الجسيمة للمدنيين في بعض الدول والتي تعتبر جد خطيرة.في المطالب التالية:

      المطلب الأول : الانتهاكات الأنجلو أمريكية لحقوق المدنيين في العراق، وأفغانستان.
      المطلب الثاني: الانتهاكات السوفيتية لحقوق المدنيين في الشيشان.
      المطلب الثالث: الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المدنيين في فلسطين ولبنان.

.
المطلب الأول
الانتهاكات الأنجلو أمريكية لحقوق المدنيين
 في
العراق وأفغانستان
      ترجع بداية حدة التوتر في العلاقات بين القوات الأمريكية والعراقية إلى الخامس عشر من فبراير 1990 حينما تم إذاعة تقرير الخارجية الأمريكية من صوت أمريكا عن انتهاكات لحقوق الإنسان ترتكب في العراق، وبعد يومين من هذا التاريخ رد الرئيس العراقي( صدام حسين) بإعلانه أن الأساطيل العسكرية الأمريكية في مياه الخليج لا يعني إلا تهديدا بالقوة قرب شواطئنا، وبتاريخ 19 من فبراير من نفس العام اعتقلت السلطات الأمريكية مواطنا عراقيا على صلة بالبعثة الدبلوماسية العراقية وطردته من الولايات المتحدة، فردت العراق بطرد دبلوماسي أمريكي من السفارة الأمريكية بغداد([3])    بالإضافة إلى ما ادعته الولايات المتحدة الأمريكية من كشفها لمحاولة اغتيال عراقية للرئيس الأمريكي (بوش الأب) على أثرها قامت بتوجيه ضربة صاروخية لبغداد عام 1993 .([4])
      أما بالنسبة لبداية الخلاف بين بريطانيا والعراق فترجع إلى قيام السلطات العراقية بالقبض على مراسلا لصحيفة" الأوبزرفر" يحمل جواز سفر بريطاني بالقرب من مجمع لصناعة الصواريخ العراقية في 9/ مارس/ 1990 وقد اعترف الصحفي بالتجسس ،ونفذ فيه حكم الإعدام وفي 28 من نفس الشهر1990 أعلنت بريطانيا القبض على شحنات من أسلحة تستخدم في التفجيرات النووية ضبطت في إنجلترا متجه إلى العراق، وفي اليوم التالي أعلنت بريطانيا أيضا عثورها على مواسير المدفع العملاق الذي كان العراق يحاول التوصل إليه لتصنيعه عن طريق الخبير" جيرالد بول" والذي وجد فيما بعد مقتولا في بر وكسل وأعلنت أسرته أنه قد تلقى تهديدات بالقتل من جهاز المخابرات الإسرائيلية ([5]) وفي الثاني من أغسطس 1990 أغارت دولة العراق على دولة الكويت، فاستغلت القوات الأنجلو أمريكية هذا العدوان، وسعت الولايات المتحدة الأمريكية لاستصدار قرار من مجلس الأمن مستخدمة كافة الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول الأعضاء في مجلس الأمن حتى صدر القرار رقم 678 / 1990 بأغلبية(12) مقابل صوتين هما (كوبا واليمن)  وامتناع الصين فقط عن التصويت، والذي يبيح استخدام القوة ضد العراق.([6]) وقد ترتب على هذا القرار أن اندلع في الخليج العربي عدة حروب إلى الآن.
       ففي حرب الخليج الأولى والثانية عام 1991:
      قد لعبت فيها أميركا وحلفاءها دورا كبيرا من خلالها تم تدمير القاعدة الصناعية والعسكرية  للشعب العراقي، فلم تراعى فيها أدنى مبادئ القانون الإنساني، فارتكبت أبشع الجرائم ضد المدنيين والمنشآت المدنية  فكان الهدف الرئيسي من هاتين الحربين غير العادلتين إضعاف وتخريب القدرة العسكرية والاقتصادية للبلدين، ودخول أميركا للمنطقة واحتلالها وفق الشرعية الدولية([7]) ومارست الولايات المتحدة الأمريكية كافة الأساليب الهمجية في العراق فلم تميز بين المقاتل والمدني فعصفت بالجميع فقتلت وخربت متجاوزة حدود المهمة المنوطة بها وهي تحرير الكويت إلى تدمير البنية العراقية، وإبادة المواطنين المدنيين. ([8])
      وبالتالي فإن الممارسات الأمريكية لاستخدام القوة المسلحة ضد العراق عملا بأحكام القرار رقم 678 لسنة1990 جاء مخالفا للشرعية الدولية للأسباب التالية:
     أولا : أن الإجراءات التي اتخذت ضد العراق كانت تحت علم الولايات المتحدة، وباسمها، وليست تحت علم الأمم المتحدة، ولم يصدر تفويضا لها من قبل الأمم المتحدة لتنفيذ هذا القرار. ([9])
     ثانيا: أن هذا القرار قد فرض على العراق حتمية قيامه بتدمير كل ما يملك من الأسلحة تحت اشراف الأمم المتحدة، وهذا يتنافى مع الحق الشرعي لكل دولة في امتلاك الأسلحة المشروعة للدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي. ([10])
       وقد حاول البعض الدفاع عن شرعية القرار رقم 678 لسنة1990 :
        مستندين إلى أنه جاء طبقا لحق الدفاع الشرعي المقرر في المادة (51) ولم يأتي وفقا للتدابير المقررة في الفصل السابع المتعلقة بإجراءات الأمن الجماعي، كما ذهب البعض الآخر إلى أن الولايات المتحدة قد قامت نيابة عن الأمم المتحدة عملا بنص المادة(106) من ميثاق الأمم المتحدة حيث جاء فيها "إلى أن تصير الاتفاقات الخاصة المشار إليها في المادة الثالثة والأربعين معمولا بها على الوجه الذي يرى معه مجلس الأمن أنه أصبح يستطيع البدء في تحمل مسئولياته وفقا للمادة الثانية والأربعين، تشاور الدول التي اشتركت في تصريح الدول الأربع الموقعة عليه في 30 أكتوبر سنة 1943 هي وفرنسا وفقا لأحكام الفقرة الخامسة من ذلك التصريح، كما تشاور الدول الخمس مع أعضاء "الأمم المتحدة" الآخرين، كلما اقتضت الحال، للقيام نيابة عن الهيئة بالأعمال المشتركة التي قد تلزم لحفظ السلم والأمن الدولي) . وبالتالي فما قامت به الولايات المتحدة مشروعا دون حاجة إلى استصدار قرار من الأمم المتحدة عملا بنص المادة (43) من ميثاق الأمم المتحدة. ([11])
     إلا أن هذه الحجج ليست لها أساس معقول للآتي:
     أولا: أن القرار رقم 678 أشار إلى أن المجلس يتصرف وفقا لأحكام الفصل السابع من الميثاق وليس للحق الدفاع الشرعي.
     ثانيا: أن أزمة الخليج الثانية لا تتوافر فيه الشروط اللازمة لممارسة الحق في الدفاع الشرعي المنصوص عليها في هذا الشأن.
     ثالثا: أن القرار المذكور لم يشر من قريب أو بعيد إلى نص المادة(106) التي تتضمن إجراءات مؤقتة مؤداها التشاور بين الدول الأربع الموقعة على اتفاق موسكو لعام 1943 ومعهم فرنسا من أجل مواجهة أزمة مؤقتة بهدف حفظ السلم والأمن الدوليين([12])
     
أما حرب الخليج الثالثة :
      والتي فرضتها الإمبريالية الأمريكية وحلفاءها على الشعب العراقي تمثلت بفرض الحصار الاقتصادي الذي لم يشهد له مثيلا في العالم خلال القرن العشرين، فقد دامت من عام 1992 حتى سقوط النظام الحاكم في بغداد، وبلغت الخسائر البشرية للشعب العراقي 1,5 مليون شخص وكانت حصة الأسد من هذه الخسائر البشرية من نصيب الأطفال والشيوخ والنساء والعجزة. ([13])  والسبب في هذه الخسائر في الأرواح والمنشآت المدنية يرجع إلى أن الحصار الاقتصادي على  العراق فرض على دولة تعتمد على منتجاتها النفطية بنسبة 95 % ولا تغطي هذه النسبة احتياجاتها الغذائية إلا بنسبة 20%  فقط.([14]) وعليه فإن ممارسات استخدام القوة المسلحة من جانب القوات الأمريكية في حربها ضد العراق في 26/ يونيو / 1993 تتعارض مع الشرعية الدولية، وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وذلك لعدم صدور تفويض لها من قبل مجلس الأمن عملا بمقتضى أحكام الفصل السابع، كما أنها ليست في حالة دفاع شرعي يخول لها القيام بذلك طبقا لأحكام المادة(51) من ميثاق الأمم المتحدة. ([15])
      أما حرب الخليج الرابعة:
     والتي بدأت في مارس عام 2003 ولم تضع أوزارها حتى اليوم بقيادة التحالف ألا نجلوـ أمريكي بهدف " تحرير " الشعب العراقي وبناء " الديموقراطية " في العراق و " مكافحة الإرهاب الدولي " فقد انتهت بسقوط نظام صدام حسين وبلغت الخسائر البشرية أكثر من (100) ألف قتيل بين طفل وامرأة وعسكري، ناهيك عن الخسائر العسكرية لأميركا التي وصلت حتى أيار عام 2005 إلى 14288 بين قتيل وجريح إلا أن واقع الحال هو أكثر من ذلك بكثير .
     فهذه الحروب الأربعة غير العادلة، لحقت بالشعب العراقي خسائر بشرية ومادية كبيرة، إذ بلغت الخسائر البشرية لهذه الحروب أكثر من 2 مليون قتيل وما يربو على 1,5 مليون شخص بين جريح ومعوق، كما هاجر من العراق ما بين 4ـ5 ملايين عراقي لأسباب سياسية واقتصادية، أما الخسائر المادية لهذه الحروب فتجاوزت التريليون دولار، وبلغت النفقات العسكرية الأمريكية في حربها غير العادلة ضد الشعبين الأفغاني والعراقي حتى آذار عام 2005، (300 ) مليار دولار، ولا يزال الإنفاق العسكري مستمرا ويتم ذلك تحت غطاء " تحرير " الشعبين الأفغاني والعراقي و " مكافحة الإرهاب الدولي " ، و" تصفية أسلحة الدمار الشامل " ، وخلق النموذج " الديموقراطي " للشعبين الأفغاني والعراقي وغيرها من الشعوب ، فأين " حقوق الإنسان والديموقراطية ...." التي تدعيها أمريكا؟ ([16])
      وطبقا لما أسلفنا عنه الحديث في الباب الأول من هذه الدراسة فإن الأمم المتحدة لا تبيح استخدام القوة إلا للدواعي التالية:
      الحالة الأولى: استخدام القوة العسكرية وفقا لنص المادة (51) التي تجيز الحق في الدفاع الشرعي.
      الحالة الثانية: استخدام القوة لحماية الشعب من الإبادة التي يتعرض لها من قبل حكومته وفقا لاتفاقية حظر ومنع إبادة الجنس البشري.
     الحالة الثالثة: استخدام القوة العسكرية من قبل الشعوب المستعمرة لنيل الحق في تقرير مصيرها.
     الحالة الرابعة: استخدام القوة العسكرية طبقاً لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، وهي ما تعرف بإجراءات الأمن الجماعي.
      والآن وبعد ما فشلت أمريكا بالالتزام بالحق في حماية المدنيين والأعيان المدنية فقد عمدت إلى جعل العراق البلد الأكثر خطورة في العالم عن عمد بل وعززت الانفلات الأمني بممارساتها الخاطئة وزعزعة الاستقرار وأباحت لقواتها القصف العشوائي واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والإشعاعية والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين العزل بين قتيل وجريح، وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي يصل إلى مرتبة الابادة الجماعية. ([17])  يستوجب على الأمم المتحدة التدخل لحماية الشعب العراقي من الإبادة التي يتعرض لها من قبل قوات التحالف العاملة في العراق والتي تعمل هناك دون غطاء من مجلس الأمن يخول لها ذلك والذي راح ضحية هذا العدوان (100) ألف قتيل أغلبهم من الأطفال والنساء كما أسلفنا الحديث، وهو بالتأكيد يعد جريمة إبادة جماعية وفقا لأحكام اتفاقية " منع وقمع جريمة الإبادة الجماعية" والتي تنص في المادة الأولى منها على أن"الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب تعد جريمة في نظر القانون الدولي " كما عددت المادة الثانية من نفس الاتفاقية على سبيل المثال أفعالا من ضمنها:
(آ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب)إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
      وهذه الجرائم كلها قد ارتكبت في العراق من قبل القوات الأنجلو أمريكية، القتل، والتعذيب، والتدمير الكلي والجزئي، كما تم فرض أسلوب معيشة صعب على العراقيين داخل أراضيهم، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل جرمت الاتفاقية، جميع ألوان التآمر والتحريض والشروع في ارتكاب جريمة الإبادة والاشتراك فيها، فقد ألزمت المادة الثالثة من نفس الاتفاقية السابقة" وجوب العقاب في الحالات التالية:
(آ) الإبادة الجماعية.
(بـ) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
(ج) التحريض العلني والمباشر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
(د) الشروع في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
(هـ) الاشتراك في جريمة الإبادة الجماعية.
      وطبقا للمادة الأولى السابق ذكرها فإن التعذيب الجسدي من ضمن الجرائم المنصوص عليها، وقد أوجبت المادة الرابعة وجوب العقاب عليها، فالدولة التي تمارسه يجب معاقبتها دوليا على " أنها  إذا مارست التعذيب بأي شكل كان بعمل إيجابي من ناحيتها أو امتنعت عن إتيان عمل وكان هذا الامتناع سببا في حدوث التعذيب فإنه يرتب مسئوليتها الدولية، لأنها في الحالتين قد انتهكت التزامها الدولي بتحريم ومنع ومقاومة التعذيب، هذا الالتزام التي قد تحملته الدولة بمقتضى القانون الدولي العرفي أو الإتفاقي".([18])
      كما أنها بتصرفاتها هذه في العراق وأفغانستان قد أهدرت كافة مبادئ حقوق الإنسان والشعوب التي ضمنتها في دستورها وقدستها، ونصت على أنها لا يمكن التنازل عنها، أو التصرف فيها. والتي من أهمها، تأمين حياة كل فرد مع حماية مسكنه وماله وإفساح الطريق له للعمل والكسب بلا عقبات أو تمييز. ([19]) فلم تراعي الولايات المتحدة في حربها في أفغانستان قواعد القانون الدولي الإنساني فلم تميز في عملياتها الحربية بين المحاربين وغير المحاربين فمنذ بدأ العمليات الحربية في السابع من أكتوبر حتى أواخر الشهر وقع ما يربو عن 3500 أفغاني قتيل وفقاً لما أعلنته بعض المنظمات المختصة بحقوق الإنسان، وما زال إلى الآن يتساقط القتلى والجرحى من النساء والأطفال والشيوخ ومن لا حول له ولا قوة حيث لا يفرق القصف الجوي بين المسالمين والمقاتلين. ([20])
      ولم تراعي في حربها في العراق أيضا هذا المبدأ، وعليه فإنها قد ضربت بعرض الحائط قواعد وأحكام القانون الدولي الخاصة بالحروب فقد خالفت المبادئ الأساسية التالية: ([21])
     المبدأ الأول: حماية المدنيين والأعيان المدنية أثناء القتال. وهو ما لم تراعيه على الرغم من تصديقها على اتفاقيات جنيف الأربع، فقد وقعت عليها في 12/ 8/ 1949 وصدقت عليها في 2 /8 /1955 وكذلك البروتوكول المضاف عام 1977 لاتفاقيات جنيف عام 1949 والتي وقعت عليه في 12 /12 /1977
     المبدأ الثاني : حظر استخدام الأسلحة المدمرة وبعض الأسلحة التقليدية التي تزيد في إيلام الخصم دون مبرر.
     المبدأ الثالث : حماية الأسرى وجرحى الحرب، وهو ما انتهكته بسوء معاملاتها للمعتقلين بالتقييد والتعذيب، والاعتداء الجنسي.
     المبدأ الرابع :  حماية الأماكن الثقافية ودور العبادة. وهو ما لم تراعيه.

المطلب الثاني
الانتهاكات السوفيتية لحقوق المدنيين
 في الشيشان
      انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا في ظل الاتحاد الروسي السابق الذي أخضع تحت لواؤه خمس عشرة جمهورية، شعوب شتى متباينة السلالة واللغة والدين بلغت حوالي مائة وخمس عشرة جماعة عرقية تتفاوت من حيث تعدادها، ومع حلول عام 1917 هب عدد من هذه الجماعات للانفصال عن الاتحاد الروسي السابق. ([22]) فعوقبوا بالنفي والقتل والتعذيب، وحملات واسعة النطاق ضد الأديان وأماكن العبادات من المساجد والكنائس كما سنرى:
       فلقد شهدت منطقة شمال القوقاز من زمن بعيد مجموعة من الحركات الانفصالية، والتي ارتكبت خلالها الحكومة البلشفية في روسيا العديد من الانتهاكات ضد المدنيين ففي عام 1918 غزت قوات النظام الشيوعي جمهورية الشيشان على أثر إعلانها تشكيل حكومة شيشانية واستمر الصراع والمقاومة من الجانبين إلى أن أعلن الرئيس السوفيتي" ستالين " أوامره في 23 من نوفمبر عام 1944 بنفي الشعب الشيشاني كله إلى سيبريا واستمر النفي مدة (13) عام إلي أن أعيدوا في ظل حكم الرئيس " غورباتشوف " إلى بلادهم ومع تفكك الاتحاد السوفيتي حاولت الشيشان الحصول على استقلالها عن روسيا في 7 / من سبتمبر 1991 ورفض قادتها إمضاء وثيقة الاتحاد الروسي فتم الاجتياح الروسي للشيشان في ديسمبر 1994 ليتم الصلح لينفجر مرة أخرى في أواخر عام 1999 عقب العمليات الإرهابية التي وقعت في موسكو فاتخذت منها موسكو ذريعة للقيام بهجمات مروعة من قتل وتعذيب ضد المدنيين الشيشان([23])
      الحملة البلشفية تنال من الأديان وأماكن العبادة
       ونالت الحملات البلشفية من الأديان وأماكن العبادة، تجسدت في نقص عدد المساجد والكنائس في الاتحاد السوفيتي إلى حد كبير إذْ انخفض عدد الكنائس الممارسة للشعائر في الاتحاد السوفيتي من (54) ألف كنيسة في عام 1917 ليصبح (7) آلاف كنيسة فقط في عام 1987، كما انخفض عدد رجال الدين المسيحي من (51) ألف رجل دين عام 1917 ليصبح (6500) ستة ألاف وخمسمائة عام 1987، أما عدد المساجد فقد انخفض من (26000) ألف مسجد عام 1917 ليصبح (4000) أربعة ألف مسجد عام 1987، كما انخفض عدد المشايخ من (45000) ألف رجل دين عام 1917، ليصبح (2000)ألفين فقط عام 1987، كما طبع في الاتحاد السوفيتي خلال الفترة من (1954– 1964 ) تسعمائة وعشرون مصنفاً مناهضاً للإسلام بشتى لغات المسلمين السوفييت، الأوزبكية، والداغستانية، والكازاخستانية، والأذرية، والطاجيكية، والقرجيزية، والتتارية، والبشكيرية، والشيشانية، والأوسيتية، والابخازية وغيرها. ([24]) كما واصلت الحملات البلشفية في عدائها للأديان إلى أن بلغت درجة من القسوة والفظاعة حتى أعدمت عدد كبير من الشيوخ والأئمة وأغلقت المساجد وتعرض الشعب الشيشاني لمآسي كثيرة في العهد البلشفي السوفيتي. ([25])
      والواقع أن تلك الممارسات العدائية الموجهة ضد المدنيين من أبناء الشعب الشيشاني منذ القدم وحتى الآن جرائم ضد الإنسانية ومخالفة لكل المواثيق والأعراف الدولية حيث أعلنت رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة " روبنسون" عن عنف متعمد في إطار عملية تطهير وابادة منظمة، الأمر الذي أفضى إلى تشريد ما يقرب من (300) ألف شخص وإلى تدفق ما يزيد عن خمسة آلاف لاجئ شيشاني إلى حدود الجمهوريات المجاورة للبحث عن مأوى في ظل ما يقوم به الجنود الروس من انتزاع  الأسنان الذهبية من الأحياء والأموات ليبيعها وهو ما يتنافى والحق في السلامة البد نية التي حرصت اتفاقيات جنيف على إقرارها. ([26])  وقد عددت المادة (147) سابقة الذكر من ضمن الانتهاكات الجسيمة التي تستوجب العقاب عليها جريمة النفي غير المشروع، والقتل العمد، والتعذيب، أو المعاملة غير الإنسانية كما منعت المادة(49) النقل الجبري الفردي والجماعي فقد منعت أيضاً النفي من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال، أو إلى أراضي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه.

المطلب الثالث
الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المدنيين العرب
في فلسطين ولبنان
      ترتكب إسرائيل منذ نشأتها عام 1948 وحتى الآن انتهاكات في حق الشعب الفلسطيني، ولعل أشهر المجازر التي ارتكبتها مجزرة دار ياسين في 19 من أبريل عام 1948 حيث قامت قوة يهودية مكونة من (500) فرد من أعضاء المنظمات الصهيونية" شترين" الذين سموا أنفسهم منا ضلوا  الحرية في إسرائيل و" زفاي لنومي" ومعناها المنظمة العسكرية القومية بالهجوم على قرية دير ياسين واقتادوا الرجال والنساء والأطفال إلى ساحة القرية حيث أجهزوا عليهم بنيران الرشاشات والخناجر وكان بعضهم يراهن رفاقه على نوع الجنين في أحشاء الأمهات فيقدمون على بقر بطون الحوامل وينتزعون الأجنة من أحشائهن، حيث أباد اليهود كل أهالي القرية جميعهم في اليوم التاسع من أبريل 1948م ، ولم يرحموا طفلاً، ولا شيخاً، ولا إمرة، ولا شجراً، ولا بيتاً .([27]) 
      وفي حرب 1956 ارتكبت الصهاينة مجزرة في قطاع غزة في " المحرقة " وخان يونس " ورفح "  حيث أمروا الرجال بحفر قبورهم بأيديهم قبل إطلاق النار عليهم، وتكرر الأمر في نفس القطاع عقب عدوان 1967، وجاء في تقرير اللجنة الثلاثية التي شكلتها الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة أن عدداً من الأشخاص قد طردوا بالقوة من قرى ومرتفعات الجولان، وقد أسيئت معاملتهم على يد القوات المحتلة بعد أن قتل مجموعات كبيرة منهم فوراً . وفي أبريل عام 1996 دكت المدفعية والصورايخ مركز القوات الدولية في بلدة " قانا" بجنوب لبنان والتي قد التجأ إليها عدد من المدنيين هرباً من القصف الجوي والبري المتواصل واختلطت الأشلاء بعضها ببعض، وقد أكد التحقيق الدولي بإشراف الأمين العام الأسبق " بطرس غالي" على مسؤولية إسرائيل عن المجزرة المروعة، وعلى إساءة معاملة المدنيين في الأراضي المحتلة رجالاً ونساء. ([28])  وفي الحرب الأخيرة على لبنان في يوليو 2006 ارتكبت مجزرة أخرى في بلدة " قانا "  راح ضحيتها أكثر من 65 شخصاً جلهم من النساء والأطفال والشيوخ المحتمين في مبنى سكني في القرية وضربت بعرض الحائط القوانين واتفاقيات جنيف والأعراف الدولية متمتعة بل ومحتميةً بحق النقد الأمريكي في مجلس الأمن في عالم يسوده قطب واحد لا راد له في هذه الآونة إلا الله. فقد خاض الإسرائيليين الحروب ولم يتورعوا عن القتل والابادة لجميع طوائف من يواجهونهم في الحرب صغيراً كان أو كبيراً رجلاً أو امرأةً محارباً كان أو غير محارباً فارتكبوا المجازر في الخليل ورام الله وغزة وأريحا ونابلس وجميع الأراضي الفلسطينية واللبنانية، والعربية المحتلة. ([29])
       وقد أظهرت لنا المحامية الإسرائيلية المدافعة عن الفلسطينيين " فيلسيا لانجر" بعضاً من هذه الانتهاكات التي كانت شاهدة عيان عليها، فمنها أنها رأت عدد من الشباب الذين يعانون من حروق أعقاب السجائر ومن جروح نتيجة لكماشات وأثار السلاسل حول الأقدام، والعديد من الأطفال يشتكون
من الضرب، على أعضائهم الجنسية والبعض الآخر يُبقون رؤوسهم في أكياس حتى قرابة الاختناق، كما يسلطون الغازات السامة على السجناء في الزنازين الخاصة بالنساء في نابلس والخليل. ([30]) وما زالت تلك الانتهاكات الإسرائيلية واللاإنسانية تمارس بصورة متزايدة في الأراضي الفلسطينية ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني. ولا شك أن جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين هي جرائم حرب طبقاً للمادة السادسة فقرة(ب) من لائحة نورمبرج، والمبدأ السادس من مبادئ نور مبرج الذي يقرر أن جرائم الحرب هي مخالفات قوانين الحرب وعاداتها، وتشتمل على سبيل المثال : أفعال القتل، وسوء المعاملة، والإبعاد بالإكراه، أو العمل أو لأي غرض آخر، الواقعة على الشعوب المدنية في الأقاليم المحتلة، وتشمل أيضاً أفعال القتل أو سوء المعاملة الواقعة على أسرى الحرب أو على الأشخاص في البحر، وكذلك قتل الرهائن ونهب الأموال العامة، أو الخاصة، والتخريب التعسفي للمدن أو القرى، أو التدمير الذي لا تبرره المقتضيات العسكرية" وطبقاً للمادة(147) سابقة الذكر.([31])
      وصارت منطقة الشرق الأوسط من المناطق التي تموج بالصراعات الدولية ولذلك أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات بشأن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، ومن هذه القرارات القرار رقم 2672 في 14 من أكتوبر1990 والمتعلقة بالمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بالحرم الأقصى في 8 من أكتوبر 1990 والذي أدان القرار أعمال العنف الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، وطالب القرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالوفاء بأمانة بالتزاماتها ومسؤولياتها القانونية المقررة بموجب معاهدة جنيف الرابعة والتي تطبق على سائر الأرض المحتلة منذ عام 1967 ([32])
       وبلا شك فإن إسرائيل قد ارتكبت كل هذه الجرائم الواردة في ميثاق " محكمة نورمبوج" فقد قتلت السكان المدنيين في الأقاليم المحتلة، وأساءت معاملتهم وقتلت الرهائن وهدمت المنازل والمدن والقرى دون مبرر، وبالتالي فطبقا لميثاق نورمبرج فقد ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في فلسطين يستلزم محاكمة مرتكبيها. فلم تراعي حرمةً  للأماكن المقدسة، فاعتدوا عليها، وكان آخر اعتداء على باحة المسجد الأقصى، في الثاني من أبريل 2004م  وأثناء خروج المصلين، مما أدى إلى قتل بعض من المصلين، وجرح أخريين، وقبلها الاعتداء على كنيسة المهد وحصارها، وقتل عدد من الفلسطينيين المحميين بالكنيسة، واعتدائهم على من لا حول له ولا قوة من العجزة كالشيخ الشهيد أحمد ياسين، واغتياله بعد أدائه لصلاة الفجر([33])
      الخاتمة
      إن المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والأفغانيون والعراقيون تحت سلطة الاحتلال الأمريكي محميون، فالحق في الحياة من الحقوق الأساسية الواجب حمايتها من جانب القوة العسكرية والتي تفرض الاحتلال فالأشخاص التي تحميهم اتفاقية جنيف الرابعة 1949 هم أولئك الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان في حالة نزاع أو احتلال تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياها أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها  طبقاً للمادة الرابعة. ولم يحظ المدنيون بالاهتمام في نطاق القانون الدولي الإنساني إلا في مرحلة متأخرة من تطوره إلا بعد ميلاد اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين لعام 1949 وما تبعها من تطور في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 وإن تمتعوا ببعض الحماية المحدودة التي كانت تقررها القواعد العرفية المتباعدة منذ القدم. ([34]) وبالرغم من تتابع النصوص التي تقدس الحق في الحياة وحظر كل اعتداء على المدنيين العزل فإن الكثير من مجرمي الحرب يفلتون من المسئولية الجنائية بسبب عجز الأنظمة القضائية عن ملاحقة الأشخاص الذين يقترفون جرائم الاعتداء ضد الإنسانية. ([35]) ففي يوغسلافيا السابقة 1992 لم تراعى فيها أحكام قانون الحرب المرعية بحماية المدنيين حال النزاعات المسلحة فارتكبت القوات شبه العسكرية هناك جرائم عنف إجرامية ضد المدنيين العزل من السلاح فقتلوا رجالاً ونساءًا وأطفالاً واغتصبوا النساء ونهبوا، وشنوا حملة رعب هدفها إجبار غير الصرب على النزوح من ديارهم وأوطانهم. ([36])
       وكذلك فحرب الولايات المتحدة الأمريكية على أفغانستان في السادس من أكتوبر 2001 لم تراعي حقوق المدنيين العزل هناك على الرغم من تعهد الولايات المتحدة الأمريكية بتوقيعها على البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 حيث نصت المادة( 51/6) " على حظر هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنية " وهذا ما أكده سفير أفغانستان عبدا لسلام ضعيف في اليوم العاشر من بداية المعركة قائلاً : أن نحو ألف مدني أفغاني قتلوا منذ بداية عمليات القصف. ولم ينكر الجانب الأمريكي هذه البيانات، ولم يعلق عليها، فكان الهدف من القصف الأمريكي هو إبادة المقاتلين وزوجاتهم وأطفالهم بدليل أنهم لم يسمحوا بإخلاء النساء والأطفال من أرض المعركة. ([37])
       فالحرب في أفغانستان، والتي جرت بدعوى تحقيق الأمن فيها قتل عدد غير معلوم من المدنيين خلال عمليات القصف ، كما لقي مئات السجناء حتفهم مختنقين في حاويات موصدةٍ، حسبما أفادت الأنباء. وما برح كثير من الأفغان يعيشون حياةً محفوفة بالأخطار حيث لا تزال أجزاء كثيرة من البلاد غير آمنة، وتخضع لسيطرة قادة عرف عنهم أنهم ارتكبوا انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان.([38]) وفي العراق وعلى أثر سقوط صاروخين في منطقة سوق شعبية مزدحمة بالمدنيين في بغداد دعى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي آنان الطرفين إلى اتخاذ كافة الإجراءات  الممكنة لحماية غير المقاتلين. ([39])
        ورغم تلك القواعد التي تكفل حماية المدنيين فإن الولايات المتحدة وبريطانيا والدول المتحالفة معهما، لم يوفوا بوعودهم بحماية المدنيين بعد غزوهما واحتلالهما للعراق، فلم تحميا المدنيين وممتلكاتهم ولا المؤسسات العراقية من المتاحف ومباني الوزارات وإنما غضت الطرف عن الأعمال اللصوصية والسرقات والدمار التي لحقت بجميع مرافق الحياة في العراق. وكأن أفعالها نسخة من أفعال الغزاة البرابرة قبل قرون عندما كانوا يستبيحون البلدان التي يحتلونها لمدة ثلاثة أيام. ولعل التاريخ سيسجل هذه الوقائع، التي لم تحرص فيه أمريكا على حماية أي شيء سوى وزارة النفط العراقية فقط وسماحها للصوص بسرقة كنوز تاريخ البشرية في المتحف الوطني العراقي باحتقار واستهجان شديدين من المجتمع الدولي. 
      والآن وبعدما فشلت أمريكا بالالتزام بهذا الحق وحمايته، عمدت إلى جعل العراق البلد الأكثر خطورة في العالم، فعززت الانفلات الأمني بممارستها الخاطئة وزعزعت الاستقرار، وأباحت لقواتها القصف العشوائي واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والإشعاعية والتي راح ضحيتها عشرات الآلآف من المدنيين العزل بين قتيل وجريح، وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي يصل إلى مرتبة جريمة الإبادة الجماعية.([40]) فاستخدمت الأسلحة المحظورة على الرغم من تصديقها على الاتفاقية الرابعة لحماية المدنين أثناء النزاعات المسلحة في 2 /8/1955 وعلى الرغم من تصديقها في 24 /3 /1995 على بروتوكول جنيف الثاني المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام غير المبثوثة والأشراك والنبائط الأخرى في المناطق المأهولة فنصت المادة(4/2) على حظر استعمال هذه الأسلحة في أية مدينة أو بلدة أو قرية أو رقعة أخرى يوجد فيها تجمع مدنيين مماثل ولا يدور فيها قتال بين قوات برية أو لا يبدو هذا القتال وشيك الوقوع ما لم يتم:
     (آ) تنصيب هذه الأسلحة فوق هدف عسكري يملكه أو يسيطر على طرف معاد أو قريباً جداً من هذا الهدف.
     (بـ) تتخذ احتياطات لحماية المدنيين من أثارها، وذلك بنصب إشارات تحذير أو بوضع خفراء، أو بإصدار تنبيهات، أو بتوفير أسيجة.
     كما وضعت نص المادة (5) من هذا البروتوكول قيود على استعمال الألغام المبثوثة عن بعد إذ جاء فيها:
     (1) يحظر استعمال الألغام المبثوثة عن بعد ما لم يكن استعمال هذه الألغام مقصوراً على رقعة تشكل هي ذاتها هدفاً عسكرياً أو تضم أهدافاً عسكرية، وما لم:
     (آ) يكن في الإمكان تسجيل موقعها بدقة. أو
     (بـ) يكن كل لغم منها مزوداً بآلية فعالة لإبطال مفعوله، أي بجهاز يتحرك تلقائياً ويكون مصمماً بحيث يجعل اللغم غير مؤذى أو يجعله يدمر نفسه متى أصبح متوقعاً أن هذا اللغم لن يخدم بعد الآن الغرض العسكري الذي بث من أجله، أو بجهاز يشتغل بالتحكم عن بعد ويكون مصمماً بحيث يجعل اللغم غير مؤذى أو يدمر هذا اللغم حين لا يعود في وسعه أن يخدم الغرض العسكري الذي بث من أجله.
     (جـ) يجب إعطاء إنذار مسبق فعال بأي بث أو إسقاط للألغام المبثوثة عن بعد والتي قد تؤثر على السكان المدنيين، ما لم تحل الظروف دون ذلك. ([41])
      وهو ما يعود بنا إلى عصر المجتمعات الأولى التي كانت الحروب فيها انتصاراً دامياً للأقوى بسبب ما كانت تخلفه حروبهم من دمار وشتات ومذابح لا تراق فيها إلا دماء الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ في الغالب الأعم نتيجةً للاستخدام الأعمى للقوة. ([42]) على أنه إذا لم يمارس هؤلاء الفئات أياً من الأعمال الحربية، ولم توجه إليهم القوات المتقدمة على الطرف الثاني أياً من الأعمال العدوانية، إلا أنه قد أصيب بعضاً من المدنيين بأضرار في الأشخاص والأموال نتيجةً للأعمال الحربية القائمة دون تعمد فلا لوم في هذه الحالة ما دامت هذه الأعمال لا توجه ضدهم مباشرةً، ولعدم تعمد إيذائهم. ([43])



([1]) انظر:
 Henrik Dcker and Others, "psychopathological alterations in victims of the   Sociopolitical violence, in Colombia,J,RCT. Torture, vol.3,No.3, Copenhagen,1993
,pp.96-97
انظر:  التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لندن 1992 الصفحات 113 بوروندي 115 بوليفيا 147 رواندا 163 السلفادور 182 الصومال.
([2]) د .  سعيد سالم جويلي ( المدخل لدراسة القانون الدولي الإنساني) المرجع السابق ص 364
([3]) د . عمرو رضا بيومي(نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية- دراسة في الآثار القانونية والسياسية والإستراتيجية لحرب الخليج الثانية) حقوق عين شمس، القاهرة 2000 ص21
([4]) د . عبد الهادي العشري( نظرية الأمن الجماعي الدولي والنظام العالمي الجديد) المرجع السابق ص 287
([5]) د . عمرو رضا بيومي(نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية) المرجع السابق ص 22 نقلا عن جريدة الحياة الندنية في 3/2/1992
([6]) انظر:
 SMITH (ROGER),the legality of coercive Aims controls, the Yale journal of
international Law.Vol. 19,No.12 summer 1994, p.471                                                د . عبد العزيز محمد سرحان( العودة لممارسة القانون الدولي الأوربي المسيحي، دراسة في المفهوم الحقيقي لطبيعة القانون الدولي في ظل النظام الدولي الجديد المزعوم وعلى ضوء أحكام المحاكم الدولية والتطبيقات المصرية ) القاهرة 1995 ص273
([7]) د . نجم الدليمي( من يقف وراء الإرهاب اليوم العراق نموذج)على شبكة المعلومات الدولية،على الموقع التالي:  http://www.iraqipapers. com/7-12-5-najim,htm                                                 
([8]) د . رجب عبد المنعم متولي( مبدأ تحريم الإستيلاء على أراضي الغير بالقوة) المرجع السابق ص 218
([9]) د . السيد مصطفى أحمد أبو الخير( النظرية العامة للتكتلات العسكرية) المرجع السابق ص 444
       د . عبد الهادي العشري( نظرية الأمن الجماعي الدولي) المرجع السابق ص 286
 ([10]) د . رجب عبد المنعم متولي( مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة) المرجع السابق ص 217
([11]) د 0 السيد مصطفى أحمد أبو الخير( النظرية العامة للتكتلات العسكرية) المرجع السابق ص 443
      وتنص المادة (43) من ميثاق الأمم المتحدة على الآتي  1- يتعد جميع أعضاء" الأمم المتحدة" في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقا لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور.
     2- يجب أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأما كنها عموما ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم0
     3- تجري المفاوضات في الاتفاق أو الاتفاقات المذكورة بأسرع ما يمكن بناء على طلب مجلس الأمن ، وتبرم بين مجلس الأمن وبين أعضاء "الأمم المتحدة" أو بينه وبين مجموعات من أعضاء" الأمم المتحدة" ، وتصدق عليها الدول الموقعة وفق مقتضيات أوضاعها الدستورية0
([12]) د . عبد الهادي العشري( نظرية الأمن الجماعي الدولي) المرجع السابق ص 269
        د . السيد مصطفى أحمد أبو الخير( النظرية العامة للتكتلات العسكرية)المرجع السابق ص 443 وما بعدها.       
([13]) د . نجم الدليمي( من يقف وراء الإرهاب اليوم العراق نموذج) على شبكة المعلومات الدولية،على الموقع التالي:
http://www.iraqipapers. com/7-12-5-najim,htm
([14]) ماري هيلين لابيه( الصراع الاقتصادي في العلاقات الدولية) تعريب حسن حيدر، الطبعة الأولى، منشورات عويدات بيروت، لبنان 1996 ص90
([15]) د .عبد الهادي العشري( نظرية الأمن الجماعي الدولي) المرجع السابق ص269، 286
([16]) د . نجم الدليمي( من يقف وراء الإرهاب اليوم العراق نموذج) المرجع السابق:
([17]) انظر : وجدي أنور مردان كيف انتهكت إمريكا وبريطانيا ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي؟ على شبكة المعلومات الدولية،على الموقع التالي: htt://www.kefaya. org/znet/041006wamerdan.htm                                          
([18]) د . طارق عزت رخا( تحريم التعذيب والممارسات المرتبطة به) المرجع السابق ص700
([19]) د . أحمد سويلم العمري (أصول العلاقات السياسية الدولية ) المرجع السابق ص 72
([20]) د . ويليام بلوم( الدولة المارقة، دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم، ترجمة كمال السيد، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، العدد 463 الطبعة الأولى 2002 ص 13
([21]) د . السيد مصطفى أحمد أبو الخير( النظرية العامة للتكتلات العسكرية) المرجع السابق ص 450
([22]) د . أحمد وهبان (الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر )المرجع السابق ص 210- 227
([23]) د . رقية عواشرية( حماية المدنيين والأعيان المدنية) المرجع السابق ص 236 وما بعدها.
       - انظر أيضا : الأستاذ  0 مصطفى دسوقي كسبة، (الشيشان بين المحنة وواجب المسلمين ) ملحق مجلة الأزهر عدد ذي القعدة 1415هـ ص104
([24]) د . أحمد وهبان (الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر )المرجع السابق ص 238 وما بعدها.
Robert Conquest,Natian kllers,: The Soviet Debort Atian of Nationalities, Macmillan,1970
 ترجمة صادق إبراهيم عودة الطبعة الأولى للترجمة العربية 1988م الناشر د. طه سلطان مراد ، الزرقاء، الأردن -ص 98
([25]) انظر .  مصطفى دسوقي كسبة، (الشيشان بين المحنة وواجب المسلمين ) المرجع السابق ـ ص104
([26])  شمال القوقاز: قرون من النزاع ، مجلة الإنساني ، مطبوع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، العدد 9 مارس- أبريل 2000 ص 6 وما بعدها.
([27]) د . صفاء حسين زيتون- صبرا وشتيلا - المزيحة- الناشر دار الفتى العربي - مصر القاهرة- جريدة
                الشرق الأوسط العربية الصادرة في لندن  بتاريخ 16/9/1982م
- أنظر : سمير بدران ،(نحو محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين) على شبكة المعلومات الدولية، على الموقع التالي:
http://www.moqawama. org/arabic/v-zionis/country.htm
-  انظر: د . زكريا عزمي(من نظرية الحرب إلى نظرية النزاع المسلح)المرجع السابق-  ص16 هامش رقم 4
([28]) سمير بدران ،  المرجع السابق.
([29])  د .  وهبة الزحيلى ( أثار الحرب في الإسلام) المرجع السابق – ص 45
([30]) انظر:
John Violations of Humanitarian and human Rights. Law, Journal of  International                 Law and politics, Vol.21,No.3Spring, 1989.pp.503-507
([31]) د . نبيل أحمد حلمي(الإرهاب الدولي) المرجع السابق ص77
([32]) د . حسام أحمد محمد هنداوي (القانون الدولي العام وحماية الحريات الشخصية) المرجع السابق ص 106
([33])   نشرة  أخبار الساعة التاسعة -  التليفزيون المصري – القناة الأولى – في 20/ أبريل 2002م
([34]) د . عبد الرحمن أبو النصر( اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام 1949م) المرجع السابق، ص 10
([35]) د . حسام أحمد محمد هنداوي (القانون الدولي العام وحماية الحريات الشخصية ) المرجع السابق ص 92
([36]) انظر السيدة كريستيان أمانبور(القوات شبه العسكرية)على شيكة المعلومات الدولية،على الموقع التالي:
http://www.crimes of war.org/ arabic/war9.htm                              
([37]) انظر :(جرائم الحرب الأمريكية والقانون الدولي الإنساني)على شبكة المعلومات الدولية، المرجع السابق.   
([38]) انظر د . أيرين خان الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية رسالة تحت عنوان( الأمن لمن؟ رد من منظور   حقوق الإنسان) على شبكة المعلومات الدولية،على الموقع التالي:
http://www.amnesty-arabic.org/air2003/text/sg_message.htm
([39]) انظر: وزير الدفاع البريطاني يعد بالمزيد من القتلى وسقوط 14 شهيد في بغداد، على الموقع التالي:
http://waroniraq.procom.dz/ madarat6.htm   
([40]) انظر : وجدي أنور مردان كيف انتهكت إمريكا وبريطانيا ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي؟ على الموقع التالي:     htt://www.kefaya. org/znet/041006wamerdan.htm                                          
   ([41])راجع  نص المادة(4، 5) من البروتوكول الثاني بشأن حظر أو تقييد استعمال الألغام والأشراك والنبائط الأخرى (موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الإنساني) المرجع السابق ص 505 وما بعدها.
([42]) د . زكريا عزمي ( من نظرية الحرب إلى نظرية النزاع المسلح) المرجع السابق ص 240
([43]) د . علي صادق أبوهيف ( القانون الدولي العام ) المرجع السابق ص 721
 انظر: رسالتنا لنيل درجة الدكتوراه بعنوان(الحرب العادلة) وفقا لقواعد القانون الدولي العام من كلية الحقوق جامعة الزقازيق ص 433 وما بعدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق